من المرات القليلة والنادرة التي يسعد فيها المحرر حين يسرد خبرا عن أحدث الإبتكارات العلمية والتي تحظي باهتمام العالم.
ويجد أن باحثا مصريا يشارك في هذا الإبتكار المهم، فلقد توصل د.ماهر القاضي المدرس بكلية العلوم جامعة القاهرة والباحث بجامعة كاليفورنيا بالولايات المتحدة إلي تطوير نماذج أولية من البطاريات الخارقة، فائقة المرونة وصغيرة الحجم ويمكن شحنها في أقل من الثانية. الإبتكار والذي نشر في العديد من الدوريات العلمية المرموقة مثل Nature وScience وحظي بإهتمام العديد من الجمعيات العلمية مثل الجمعية الملكية البريطانية للكيمياء خلال الشهور الماضية، وهو ماساهم في زيادة عدد البحوث الدولية لجامعة القاهرة وبالتالي حسن من ترتيب الجامعة دوليا.
ويقول د ماهر القاضي إن هذه الدراسة والتي ساهم فيها كباحث رئيسي وبدأها عام 2009 بالاشتراك مع 4 باحثين بجامعة كاليفورنيا لقيت إهتماما دوليا لنجاح الفريق البحثي في إستخدام مادة الجرافين لتصنيع البطاريات والجرافين، وهي عبارة عن صفحات ثنائية الأبعاد من الكربون تنتظم فيها ذرات الكربون في أشكال سداسية مثل خليه النحل، ولهذه المادة خواص كهربائية وضوئية مازالت تبهر العلماء منذ إكتشافها في عام 2004.
وكان معهد ريتشارد سمولي بجامعة رايس الأمريكية قد قام بدراسة عن أهم 10 مشاكل تواجه البشرية في الأعوام الخمسين المقبلة وجاءت الطاقة علي رأس تلك القائمة، ذلك أن الطاقة هي العامل الرئيسي في الصناعة والزراعة وحتي في حياتنا اليومية، ومع تناقص الإحتياطي البترولي العالمي نجد الحكومات والمؤسسات العلمية تسعي بشتي الطرق لإيجاد مصادر بديلة للطاقة، وفي هذا المسار أخذت البطاريات مكانا رئيسيا في حياتنا فهي تستخدم في جميع الأجهزة الإلكترونية المنزلية والصناعية، وفي تخزين مصادر الطاقة المتجددة وفي الفضاء وفي المجال العسكري والطائرات والسيارات الكهربائية.
ويضيف د ماهر القاضي: تخيل لو أن هناك بطارية ذات خواص خارقة يمكن شحنها في ثوان وتستمر معك لعدة أيام! هذا ما توصلنا له كباحثين في جامعة كاليفورنيا ونسعي من خلاله للحصول علي براءة الإختراع والتي هي في مراحلها الأخيرة عن طريق مشروع مكثفات الجرافين الخارقة.
ومن مميزات تلك البطارية أنها، فائقة المرونة وصغيرة الحجم وعمرها الإفتراضي يقارب العشر سنوات وذات كفاءة عالية تتعدي 95%. كما يمكن تشغيلها في الأجواء شديدة البرودة حتي 40 درجة تحت الصفر وهي ظروف لا تعمل معها البطاريات العادية، كل تلك المميزات جعل شركة ماكسويل للتكنولوجيا وهي أكبر مصنع للبطاريات والمكثفات في العالم تتبني الإكتشاف، حيث نعمل معا علي إنهاء المرحلة الأولي من تصنيع النموذج المصغر من تلك البطارية والتي من المتوقع أن ننتهي منها أواخر هذا العام علي أن يطرح أول منتج تجاري منها بعد3 أو4 سنوات من الآن.
وعن تطبيقات البطاريات الخارقة يذكر منها د. ماهر مجال الأجهزة الإلكترونية وفي مجال إنارة الشوارع بالخلايا الشمسية حيث سيتم توصيلها بمكثفات لتحويل الطاقة الشمسية الي كهرباء، وخاصة علي طرق السفر حيث لا نحتاج إلي شبكة طويلة من الكابلات. كذلك يمكن إستخدامها كبطاريات للسيارات الكهربائية، حيث لن نحتاج للشحن من المحطة إلا دقيقتين وهو مايكفيها للحركة لمسافة 8كم. ومن الممكن أن تستخدم أيضا في البوابات الدوارة في محطات المترو حيث لا تتوقف الحركة فيمكن تثبيت مولد طاقة أعلي البوابة ويتم تخزين الطاقة الكهربائية ثم إستعادتها في الإنارة.
ويضيف د.ماهر القاضي إن وكالة ناسا لأبحاث الفضاء هي واحدة من الداعمين للمشروع حيث إن مكثفات الجرافين خفيفة الوزن وطويلة العمر وبالتالي يمكن إضافتها للعديد من الأجهزة الإلكترونية المضافة لمركبات الفضاء، فمن المعروف أن إرسال أي معدة للفضاء تزيد تكلفتها كلما زاد وزنها.
ويتمني د. ماهر القاضي أن تساهم جامعة القاهرة في هذا المجال البحثي من خلال تكوين مجموعات بحثية، خاصة أنه لديه الإستعداد لنقل خبراته في هذا المجال وتكوين فرقة بحثية في مصر تعمل بشكل مواز لفريق جامعة كاليفورنيا.
الكاتب: أميمه إبراهيم.
المصدر: جريدة الأهرام اليومي.